تعرب المنظمة العربية لحقوق الإنسان عن إدانتها للجرائم الإسرائيلية في مدينة القدس العربية المحتلة، والتي تعمل على تكريس الإجراءات الباطلة لضم المدينة المقدسة، بما في ذلك الإمعان في المس بالمقدسات الدينية، ومحاولات فرض السيطرة على المسجد الأقصى في إطار تحركات منهجية متراكمة تستهدف تقويض الوجود العربي بشقيه الإسلامي والمسيحي في المدينة المحتلة.
تأتي إجراءات الاحتلال بفرض بوابات الكترونية على مداخل باحة المسجد ومنع إقامة شعائر صلاة الجمعة الماضية فيه لتشكل خطوة إضافية لفرض السيطرة على المسجد الذي يخضع رسمياً لإشراف هيئة الأوقاف الهاشمية الأردنية، وبعد سلسلة من الإجراءات الممتدة التي شملت العبث بأساسات المسجد في الحائط الغربي بدعوى العثور على “آثار يهودية” مزعومة، وعلى نحو يهدد بانهيار بناء المسجد الأقصى ذاته الذي يرتكز على الجانب الغربي.
كما شملت الجرائم أيضاً إغلاق باب المغاربة بشكل عملي الذي يشكل أقرب نقطة لبناء المسجد الأقصى داخل الباحة المقدسة بدعوى تأمين الصلوات اليهودية عند حائط البراق، فضلاً عن تكرار اقتحام باحة المسجد للمستوطنين تحت حماية جنود الاحتلال بدعوى تأدية الصلوات داخل باحة المسجد.
ويتصل بهذه الجرائم أيضاً فرض قيود على دخول المصلين إلى باحة المسجد، والتي تمتد لتشمل محيطه الخارجي وكامل البلدة القديمة في المدينة المحتلة، فضلاً عن القيود الهائلة على وصول المصلين الفلسطينيين المسلمين والمسيحيين من بلدات الصفة الغربية المحتلة ومناطق فلسطين 1948 إلى مدينة القدس ومنعهم من أداء شعائرهم الدينية.
وتسقط دعاوى فرض الأمن التي يزعمها الاحتلال أمام الترتيبات التي تشمل المدينة القديمة والتي تضعها تحت دوائر مراقبة الكترونية شاملة، فضلاً عن الإرهاب الذي يمارسه المستوطنين من خلال التحرك بمجموعات مسلحة في دروب البلدة القديمة وإرهاب قاطنيها وزوارها.
ولا تنفصم هذه الجرائم والانتهاكات عن الحصار الاقتصادي الخانق الذي تفرضه سلطات الاحتلال على سكان القدس، والتي تترافق مع عمليات الاستيلاء على المنازل عبر إجراءات مؤسسية ومنهجية يحميها القضاء الإسرائيلي، وهدم منازل الفلسطينيين ومنعهم من ترميم وصيانة مساكنهم، وسحب وثائق إقامتهم في المدينة بذرائع متنوعة، جنباً إلى جنب مع عرض أموال هائلة لشراء العقارات الفلسطينية.
وتأتي هذه الإجراءات ضمن سياسة الاحتلال المنهجية للتغيير الديموغرافي، حيث يتواصل الاستيطان المحموم على نحو رفع أعداد المستوطنين في القسم الشرقي من المدينة المقدسة لأكثر من 200 ألف مستوطن، بالإضافة إلى 270 ألف مستوطن آخرين في الضفة الغربية.
وتتواصل مشاريع إنشاء الوحدات الاستيطانية لفصل المدينة المحتلة واقعياً وعزلها عن محيطها الفلسطيني وكافة بلدات الضفة الغربية المحتلة بما يتكامل مع جدار العزل العنصري المقام على الأراضي المحتلة.
ولليوم السادس على التوالي، تتواصل حركة المقاومة الأهلية في مدينة القدس ضد الجرائم الإسرائيلية الجديدة، ولم تلق هذه المقاومة أي دعم عربي يُذكر، على الرغم مما تشكله الالتزامات القانونية للحكومات العربية بموجب قرارات القمم العربية والعشرات من اتفاقيات العمل الجماعي، بالإضافة إلى سوء التقدير للتداعيات الخطيرة المحتملة للتطورات في المدينة المقدسة على الواقع الداخلي للبلدان العربية.
إن نكوص العمل الجماعي العربي عن الاضطلاع بمسئولياته في دعم صمود الشعب الفلسطيني والتحرك العاجل والفعال لوقف الجرائم الإسرائيلية في القدس العربية المحتلة يشي بنذر خطيرة ويُغري الاحتلال الإسرائيلي على مواصلة جرائمه والمضي قدماً في تحقيق أهدافه.
وتطالب المنظمة المجلس الوزاري للجامعة العربية بعقد اجتماع طارئ لاتخاذ التدابير اللازمة للتصدي للجرائم الإسرائيلية بما في ذلك التحرك العاجل في المحافل الدولية ومتابعة الجهود المتوقفة لاستصدار قرار لوضع سقف زمني لإنهاء الاحتلال والخروج من مسلسل المفاوضات العبثي.
كما تطالب المنظمة بتبني إجراءات فعالة لدعم الشعب الفلسطيني في تحركاته، بما في ذلك دعم سكان القدس المحتلة وتعزيز قدرتهم على الصمود في مواجهة جرائم الاحتلال وأهدافه في التغيير الديموغرافي.
كذلك تطالب المنظمة المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لمواجهة الجرائم الإسرائيلية والعمل على وقفها فوراً، وتدعو لعقد مؤتمر الدول الأطراف السامية المتعاقدة في اتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949 لاتخاذ التدابير الواجبة.