تقرير تعز ألف ومائة يوم من الحصار والقتل المستمر باللغلة العربية:
البيان الصحفي لتقرير تعز ألف ومائة يوم من الحصار والقتل المستمر باللغلة العربية:
Taiz Thousand and one hundred days of siege and continuous killing report:
بدء الحصار والحرب
اجتاحت قوات الحوثي المدعومة من قبل الجيش المؤيد لعلي عبد الله صالح تعز، ثالث أكبر مدينة في اليمن، في 22 مارس ولم يواجهوا مقاومة مسلحة تذكر بل احتجاجات سلمية ودعوات مدنية لمنع القتل آنذاك ، بالرغم من اطلاق حوثيون النار على متظاهرين لتفريق الاحتجاجات، مما أدى لقتل متظاهر وإصابة خمسة آخرين لم يرفع المدنيون السلاح حينها.
وخلال مظاهرة ضد وجود الحوثيين في تعز في 24 مارس2015 ، قتل خمسة متظاهرين على يد الحوثيين وأصيب 80 آخرين، بينما في مدينة التربة (80 كم جنوب غرب تعز)، قتل ثلاثة متظاهرين وأصيب 12 أخرين.
وبعد أسبوع من القتال سيطر الحوثيون على مديرية المخاء بالمحافظة.
وأعلن ضباط وأفراد اللواء 35 مدرع في محافظة تعز تأييدهم للشرعية اليمنية المتمثلة بالرئيس عبدربه منصور هادي.
ويقع معسكر اللواء غرب مدينة تعز وينتشر من المدخل الغربي وشهدت تعز حينها مظاهرات لتحية اللواء “35” مدرع ، على موقفهم تجاه الحوثيون، وأتجهت المظاهرات لقيادة اللواء في المطار القديم غرب مدينة تعز.
ولكن قوات الحوثيين وصالح يومها ضربت المعسكر واستمرت المعارك في جبهات مختلفة.
وفي 11 أبريل أنتشر جنود مؤيدون للحوثيين في جميع أنحاء مدينة تعز.
وتصدت لهم المقاومة الشعبية التي تشكلت في تعز وقوات عسكريه تابعة للشرعية.
في 17 أبريل قصفت الغارات الجوية مواقع عسكرية لقوات الحرس الجمهوري والحوثيين داخل وحول مدينة تعز.
خلال يومي 17 و18 أبريل 2015 قتل 30 شخصاً على الاقل قتلوا عندما هاجم الحوثيين، بدعم من الحرس الجمهوري مقر اللواء 35 مدرع الذي كان قد أعلن ولائه للرئيس هادي.
وقالت تقارير أخرى أن عدد القتلى قد بلغ 85 قتيلاً.
وفي صباح 19 أبريل 2015 قتل 10 حوثيين على الأقل و4 من القوات الشرعية.
في 22 أبريل سيطر الحوثيون على معسكر اللواء 35 المؤيد للرئيس هادي، وقامت مقاتلات للتحالف العربي بقصفه بعد فترة وجيزة من سيطرة الحوثيين عليه.
بعد أربعة أيام استولت القوات الشرعية والمقاومة الشعبية المؤيدة للشرعية الموالية للرئيس هادي على العديد من أحياء المدينة في 26 أبريل 2015 .
وكانت أعنف المعارك حول المباني الحكومية والأمنية وسط المدينة، وأسفرت عن مقتل نحو 20 شخصاً من المدنيين.
وقالت منظمة الصحة العالمية أن عدد القتلى 19 مدنياً بعد أن تعرض مستشفى الثورة للقصف.
وأصدر مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان تقريرا عن الاستهداف الممنهج لمستشفى الثورة والطواقم الطبية من قبل الحوثيين، وحاول الحوثيون مرة اخرى إخضاع المدينة بالقوة.
وأندلع القتال في المدينة في 16 مايو 2015 ، على الرغم من إعلان وقف لإطلاق النار لمدة خمسة أيام وافق عليها الطرفين وكذلك قوات التحالف العربي.
حيث قصف الحوثيون بالسلاح الثقيل والقذائف أحياء عدة في تعز ما أوقع 12 قتيلا و51 جريحا في صفوف المدنيين، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية، وأسفرت المعارك التي تكثفت خلال الليل عن سقوط 26 قتيلا في صفوف الحوثيين والقوات الموالية لعلي عبد الله صالح، و14 في صفوف المقاومة الشعبية في المدينة.
الحصار من جبل صبر
برزت خطة الحوثيين بوضوح بأحكام الحصار على المدينة من مختلف الجهات وضربها من القمم المحيطة بها.
لذا في مطلع أغسطس تواصلت الأشتباكات في القرى والمناطق المحيطة بجبل صبر المطل على مدينة تعز، حيث يتم خنق مدينة تعز بقوة عبر مرتفعات جبل صبر المطل مباشرة على المدينة.
ولكن وبعد خمسة أشهر من قصف الحوثيون المستمر على تعز سيطرت المقاومة على معظم قرى جبل صبر والمواقع التي كانت يستخدمها الحوثيون لشن عمليات القنص ضد المدنيين في تعز، وهو ما خفف عملية القصف على المدنيين لكنه لم ينه الحصار.
وفي 15 و16 أغسطس 2015 سيطرت القوات الموالية للشرعية
على عدة مواقع في المدينة منها مبنى جهاز الأمن السياسي، وقلعة القاهرة المطلة على المدينة التي كان يستخدمها الحوثيون للقصف. وأستخدمت الأسلحة الثقيلة خصوصا في محيط القصر الجمهوري بتعز. وأسفرت المواجهات خلال 24 ساعة عن مقتل 80 شخصاً على الأقل، بينهم 50 مسلحاً من الحوثيين وحلفائهم، فيما سقط 31 قتيلاً في صفوف المقاومة الشعبية.
وأعلن مقاتلوا المقاومة الشعبية سيطرتهم على غالبية مناطق مدينة تعز، منها مبنى المحافظة والشرطة العسكرية وموقع جبل صبر الاستراتيجي ومنزل علي عبد الله صالح.
طوق من الحصار
ومع خروج قوات الحوثيين من وسط المدينة استكملت خطتهم في وضع طوق الحصار المحكم.
ودفع الحوثيون وقوات من الحرس الجمهوري بتعزيزات عسكرية إلى تعز قدمت من مدينة ذمار وصنعاء وعمران و إب ومعسكر اللواء 22 حرس جمهوري المرابط في منطقة الجَنَد القريبة من المدينة لاستعادة المواقع التي سيطرت عليها “المقاومة الشعبية”.
وقالت مصادر في الهلال الأحمر اليمني يومها إن معارك يومي 16 و17 أغسطس 2015 في تعز أسفرت عن مقتل ما لايقل عن 160 مسلحاً من الحوثيين وقوات الحرس الجمهوري، و53 من مقاتلي المقاومة الشعبية.
ولم تنجح قوات الحوثي في اقتحام المدينة ثانية وعمدت لتعزيز طوق الحصار عنها.
إحكام الحصار على مدينة تعز
ومع نجاح المقاومة الشعبية في دحر قوات الحوثي وصالح يومها من قلب مدينة تعز وتحرير المباني الحكومية
قامت قوات الحوثيين بتشديد الحصار المطبق على المدينة.
واصبح ما يقارب 300 ألف نسمة عرضة لأشد أنواع الحصار في العالم. حيث حاصرت القوات تعز من جهاتها الأربع وبالذات المدخلين الرئيسين الشرقي والغربي، وهما الطرق الوحيدة التي تربط تعز بباقي اليمن
وعمل الحوثيون على ابتداع معابر عرفت يومها ( بمعابر الذل ) حيث يتم فيها مصادرة أي طعام أو ادوية أو مرور أحد من المارة.
وكان ( معبر الدحي ) غرب تعز مثالا لقتل المارة وإذلال المواطنين وهو معبر يؤدي الى الطريق الغربي الواصل لقرى الحجرية وجزء من صبر المخزن البشري لتعز.
وهو أيضا المؤدي إلى سواحل تعز الغربية في المخاء وماحولها واستمر الحصار المطبق حتى 11مارس 2016.
و في 11 مارس أعلن الجيش الوطني والمقاومة الشرعية في اليمن فك الحصار عن المنفذ الغربي لمدينة تعز والسيطرة على الطريق الرابط بين محافظتي تعز و عدن ، الذي يمر بمناطق الضباب والتربة، وتحرير الجبهة الغربية.
حصار قاتل لاستهداف المدنيين
تشهد مدينة تعز اكبر عدد لسقوط ضحايا بين المدنيين، نتيجة القصف المتعمد من قبل الحوثيين وأتباعهم ؛ وعمدت هذه القوات على إحكام حصار قاتل يمنع الغذاء والدواء وانتقال المواطنين ومصادرة كل انواع الإغاثة واعتقال المواطنين العزل.
وتصاعدت حدة الحصار لتعز منذ أوائل أكتوبر 2015 ، حيث تُصادر القوات الموالية للحوثيين وصالح الذي كان معهم يومها عند نقاط التفتيش المياه والأطعمة و أنابيب غاز الطهي من المدنيين الذين يحاولون نقل هذه المئون إلى أحياء داخل مدينة تعز لا يسيطرون عليها. وصادر الحوثيون 3 شاحنات عقاقير طبية أرسلتها “منظمة الصحة العالمية” إلى تعز في أكتوبر 2015 .
كما استولى الحوثيون على الأدوية التي كانت وجهتها مستشفيات في مناطق لا تخضع لسيطرتهم، ولم يأذنوا لمكاتب وزارة الصحة بدعم المستشفيات والمستوصفات الطبية في المدينة.
في 22 أكتوبر ذكرت “اللجنة الدولية للصليب الأحمر” أن نحو نصف مستشفيات تعز كفت عن العمل بسبب نقص الإمدادات أو الوقود أو جراء تضرر المرافق أثناء القتال.
وطالبت الأطراف المسيطرة بالتصريح بتسليم الأدوية المُلحة والضرورية، التي مُنعت على مدار 5 أسابيع، إلى مستشفى الثورة.
وفي 24 أكتوبر 2015 قالت منظمة “أطباء بلا حدود” إن رغم أسابيع من المفاوضات المكثفة مع المسؤولين الحوثيين، لم يتسن تسليم مخزون من الإمدادات الطبية الضرورية لمستشفيين في تعز، وإن شاحنات أطباء بلا حدود أوقفت عند حواجز الحوثيين الأمنية ومُنعت من دخول المنطقة.
في 31 يناير 2016 نشرت هيومن رايتس ووتش تقريراً بعنوان “الحوثيون يمنعون دخول سلع حيوية إلى تعز”، قالت فيه أن قوات الحوثيين التي تفرض حصاراً على المدينة قيدت على مدار شهور دخول الإمدادات الغذائية والطبية إلى المدنيين في تعز.
ووصفت مُصادرة السلع الأساسية للسكان المدنيين ومنع المساعدات الإنسانية بأنها إنتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي.
وقدرت الأمم المتحدة نزوح ثلثي سكان مدينة تعز إلى خارجها بسبب إشتداد الحصار.
الحصار الأطول على مدى التاريخ
سيدخل حصار تعز من قبل الحوثيين موسوعة الأرقام القياسية ضمن أطول أنواع الحصار الذي تعرضت له مدن في حروب مختلفة بعد حصار سراييفو وحصار غزة وسابقا لحصار ليننغراد في الحرب العالمية الثانية
حيث تكمل تعز عامها الثالث على التوالي وهي في حصار دامي.
ومع مطلع مايو 2018 الجاري يكون حصار تعز قد تجاوز 1135 يوما ليدخل ضمن أطول أنواع الحصار في التاريخ، مخلفا وراءه ولايزال أكثر مأساة إنسانية عرفتها البشرية.
وما يزيد من حجم المعاناة عدم التفات العالم لهذه المأساة بما يجب، وبما يفترض من المسؤولية الأخلاقية والقانونية.
حيث لا يزال العالم يتفرج على أسوأ أنواع القتل الجماعي الممنهج ضد تعز وأشد أنواع التنكيل والقتل دون أن يحرك ساكنا.
حصار مهول وفاجعة مستمرة
إن الاحصاء الدقيق الآن عن ما جرى ويجري لتعز ليس سهلا كون الحصار مازال مستمرا والقتل الممنهج مستمر ومصادرة الحريات ونشر القتل والفوضى قائم يجعل حصر التقرير الدقيق امرا في غاية الصعوبة.
ولكن مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان( hritc )
عمل من خلال فريق عمل ومن خلال مختلف التقارير الدولية والمصادر الإخبارية الميدانية وفرق العمل المختلفة بما فيها فرق الإعلام والبعثات الإنسانية على تقرير تجميعي لمأساة حصار تعز.
وتجاوز الحصار حاجز الألف ومائة يوم من الحصار والقتل المستمر وهو أمر لم يشهد له العالم مثيل إلا في حوادث معدودة مثل سراييفو وليننغراد وغزة وكلها نماذج تحفظها ذاكرة التاريخ بشكل دامي، وألم لاينسى لقوى الإرهاب والنازية والتطرف ليأتي حصار تعز مضيفا نموذجا أكثر قسوة وأشد ألما تقوم به ميليشيات الحوثي والذي يستمر حصارهم حتى اللحظة.
وهو الجريمة الأبرز لهذه الميليشيات في سجل جرائم الحرب والجريمة المكتملة الأركان في انتهاك حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.
احصائيات 3 أعوام من الحرب والحصار في تعز :
وبحسب مقاربة مدققة من فريق الرصد والتوثيق لدى مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان لثلاثة أعوام كاملة من حصار تعز فإن الانتهاكات في تعز خلال الفترة من 21 مارس 2015 إلى 31 مارس 2018.
على النحو التالي:
- بلغ عدد القتلى : 3021 مدنيا بينهم 680 طفلا و371 امرأة ,
- فيما وصل عدد المصابين 15956 مدنيا بينهم 1655 طفلا و2449 امرأة.
- وحصدت عشرات الآلاف من الألغام التي زرعتها مليشيات الحوثي 714 مدنيا بينهم 32 طفلا و14 امرأة , وأصيب جراءها 1132 مدنيا بينهم 38 طفلا و17 امرأة.
- ووصل عدد غارات التحالف العربي 152 غارة راح ضحيتها 576 قتيلا من المدنيين بينهم 107 طفلا و83 امرأة , واصيب خلالها 398 مدنيا بينهم 56 طفلا و42 امرأة.
- وعانت تعز من حالات مصادرة حريات والتي بلغت 197 حالة اختطاف , 167 حالة إخفاء قسري , 792 حالة احتجاز تعسفي, 87 حالة تعذيب أفضت العديد منها للموت أو الإعاقة الدائمة والشلل التام عن الحركة أو الجنون والحالة النفسية.
- وتم تهجير ونزوح حوالي 2861 أسرة .
- وبلغ إجمالي الممتلكات العامة التي طالها الانتهاك 452 ممتلكا تم تفجير 9 مبان وتدمير 83 مبنا ومنشأة ولحق الضرر كليا ب50 منشأة ومبنى وجزئيا ب288 اخرى وتضررت 22 مركبة عامة.
- فيما بلغ إجمالي الممتلكات الخاصة التي طالها الانتهاك 1868 ممتلكا تم تفجير 95 منزلا وتدمير 159 منزلا ومنشأة خاصة ولحق الضرر كليا ب111 منشأة ومنزل وجزئيا ب 1379 اخرى وتضررت 124 مركبة عامة.
مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الانسان
تعز 1 مايو 2018