—————— عزالدين سعيد الاصبحي
** ذات يوم منذ اكثر من عقد من الزمان كنت في دورة تدريبية بواشنطن وعدت يومها على هاتف من الفندق يسأل متى ساعود الى فندقي لأن هناك رسالة لي !! وخفت يومها ..
لا تزال تقلقني المكالمات المجهولة التي يشوبها الغموض وتذكرني بالمخبرين السيئين الذين كانوا يصطادوننا من اجل القبض والسجن !!
عدت يومها الى الفندق لأكتشف انهم اعدوا ( حفلة صغيرة ) لأن جواز سفري لديهم يوضح عيد ميلادي ! ولم اكن اعرف متى يمر عيد الميلاد ولا كيف يتسرب العمر من بين الاصابع كرمل على شاطئ حزين ! وكانت لفتة طيبة هيجت الاشجان لأيام جميلة !
** وقبل ثلاث سنوات في مطعم معتم بارمينيا نعم ارمينيا رايت تورته صغيرة وابتسامة اخاذة تقول لي كل عام وانت طيب
وتحسست راسي بالم – هذا يعني عام اخر طار من العمر يا عز !!!
امس كان الفيسبوك كفيل بان يقرع بابي ويقول عام اخر مضى يا عز !!
لم اجد في نفسي الرغبة لأحكي
ها انا في عمان في غرفة على الدور الثامن اسمع فيروز تشدوا باندلسيات العمر الجميل !
ولم اذهب الى احد بعمان رغم الاصدقاء الكثر رديت على اصدقاء العمر قليلا وعدت الوذ بصمتي
** هي رغبة عجيبة تنتاب المر انه في عام اخر ؟
قلت سأحتفل بيومي كما يليق برجل عاشق اطلق العمر لرحيل دائم وعرفته ارصفة شتى !
هذا التاكسي وهذه عمان التي اعرفها كما يجب من سنوات طواااال
لا اذكر كم عشت فيها ومررت بشوارعها ومقاهيها لكن اعرف انها تسكنني واتي اليها كمنزل قديم !
السائق الذي لا يكف عن الحديث يندهش وانا اقول له سنسير في محطات عدة حتى نعود
ويهز راسه ويسأل هل من مكان محدد ؟؟
ارد بشرود لو كنت اعرف ما قلت لك ! لكن دعنا نسير
سنبدأ من الدور الثاني والثالث سنمر من زقاق عليه مطعم هجر القلب ذات يوم اسمه الناي هل تعرفه !
قبل ان يرد كان يسير وانا اتفحص ارصفة ترحب بي تنكر علي رحيل بعيد
هذه زحمة وسط البلد
لابد من فول هاشم يا صاحبي ثم السير على الاقدام صوب الكشك العتيق للكتب والصحف والمحتفي بصوره وتاريخة ثم هذا الشاي المضبوط على شرفة صغيرة من مقهى الرشيد في قلب البلد ترقب الزحام وتذكر عمرا مر هنا !
**اعود الى الجاردينز شارعي القديم واسأل السائق الذي كان يحكي دون اعي ما يقول
هل تعرف لماذا سمي الجاردنز ؟ هذا الشارع الهام بعمان ؟ يهز راسه وانا اكمل ذكرياتي انا اعرف هذا الشارع منذ قبل عشرين عاما وعمان مدينة تتشكل بجنون جميل مع ازمة العراق الطاحنة انذاك وان ات من رحلة بريه تزيد عن الف كيلو متر متعبا هاربا الى عمان وهذا الشارع ومقهى لم يعد يتذكره احد وحكاية القرد الصغير وصاحب المقهى الجاردينز الذي اندثر وسائقي الشاحنات انذاك !!
** الزمان غير الزمان والان تمر فاتنات متأففات من زحمة على شارع نظيف ولا احكي عن غبار وتراب قبل عشرين عاما !
اقول له سنذهب الى شارع مكة ثم نرى مكة مول ثم اعود بك الى خلدة ونسلم على زاوية بالرابية
ثم اجلس على مقهى له ذكرى في عبدون !!
يهز الرجل راسه وقد اصابه الصمت ولكني سمعته يتميم
– يا مثبت العقل والدين ياالله !!
** هذا المقهى يا صاحبي قد غص بجيل لا اعرفه !!
هذه الشيشة المنتشرة على كل فم نسائي جميل لا اعرفها يا صاحبي
وهذا التمرد الجميل لفاتنات جميعا صبغن شعرهن المتطاير بين الكستنائي والاشقر فبدى ذهبا متطاير
هو المساء يا صاحبي ولابد من الذهاب الى فندق عتيق
هناك مطعمي المفضل زمااااااان وصوت الشابة التي تستقبلنا زماااان باغنية فيروز (سلم لي عليه بوس لي عينيه !!)
ثم تكمل مع جلوسي
سألوني الناس عنك يا حبيبي ؟!!لأول مرة ما نكون سوا !
** الان لا يسأل الناس يا فيروز ولا مطعم هناك وتغيرت الاماكن وشاخت الوجوه !
وحده القلب لا يتعب رغم كل مشارط الجراحين !
** اعود الى شرفتي وحيدا في عيد ميلاد جديد
هل هو عام يأتي ام عام يرحل ! هل افرح بالقادم ام احزن على الراحل من العمر !
تعودت ان لا التفت الى مامضى من محطات اسف
وان ارقب ما سيأتي بتفائل !
وحدي على شرفة بالدور الثامن ..
ووحده صوت فيروز يأتي من بعيد – سألوني الناس عنك يا حبيبي — كتبوا المكاتيب واخذها الهوا
هي فيروز التي تقوم مع عصافير القلب باكرا لتغني لنا منذ كان عصافير صغارا !
وهل هي الصدفة ان تكون هذه الاغنية اول اغانيها بعد رحيل عاصي الرحباني ولحنهالها ابنها زياد ؟؟
هل هي الصدفه ؟!!
ام انه العمر الذي يتبدد ولا ندري ودون ان نسأل او يسأل عنا الناس ؟!!