عزالدين سعيد
في القاهرة ما عليك بغير سائق التاكسي لتجد مؤجز الاخبار وتفاصيل الحكايات التي تصل الى حد المبالغة والتي لا تصدق
وكما قال جلال عامر اسوأ ما تراه ان تكون بالتاكسي ويشغل السائق لك شريط كاسيت قران ويقفل العداد !
لهذا اقول للسائق اني اعرف ما يكفي عن عذاب القبر وبالتالي خلينا في عذاب العداد نتابع العداد احسن !
وهذا ما اتفقت به مع عم حنفي الذي يفتح العداد ويقفل عينيه الجاحظتين ! ويرعبني اكثر وهو يسير كمن يلعب لعبة (اتاري ) وليس يسوق سيارة وانا اركز
– هو با يشوف ازاي ؟؟
كل هذا العمر وانا اعتبر السواقة بالقاهرة معركة مثل صراع الشارع والاخوان حيث لا تدري من اين سيأتيك الجمع ( ومين مع مين) وانت مع مين ؟
هذا الصباح وقبل الذهاب الى مهامي الجديده بالجامعه العربية علي ان اكسر رتابة الصباح وصراع البارحة في الميدان بحديث عم حنفي الذي بدأ لي خلف مقوده بجثته الضخمه وكانه جذع شجرة هرمة تركت هنا ولا يمكنها الخروج من الباب ؟؟
العينين شبه المغلقتين تنبأن بسهرة صباحي قضاها عم حنفي!
– صباحك فل ياباشا
– صباحك قشطة يا عم ارجو ان تنطلق الى جامعة الدول العربية نلحق الناس
– ياباشا هي الجامعة ح تطير دي متلقحة هنا من ايام ما كان الناس لسه ناس !!
اندهش لهذا الرد واسأله
يعني ايه من ايام ماكان الناس ناس !!
– يعني بني ادميين يا باشا !!
اندهش اكثر ويرى هو دهشتي ويكمل نظريته
– شوف ياباشا لما الواحد يكون عائش عيشة كلاب ما يبقاش انسان
لما يكون الواحد ولا مؤاخذه مجرد حته مرمية على الرصيف وبس يبقى اي حاجة بس مش ناس !!
لم اعلق على الرجل الذي كان يقبض على مقود السيارة بذراعين ضخمين للغايه ويتكي على المقود وكأن السيارة ستهرب منه ! ولم احب ان اذكره اني اكثر من يكتب عن الارصفة ويعرفها من امريكا الى السنغال ومن تايلاند الى الاناضول ! واني من مدن يمنية الساكنيين في الرصيف اكثر من الساكنيين في البيوت
( لأننا نحب حمام الشمس والحريةمش لأن الناس فقراء لا سمح الله وحتى لا يفهم كاتب حكومي ثوري اننا نغمز في قناته ابدا ابدا )
خلونا في عم حنفي
– قلت له بعد تردد بس الناس ثارت وغضبت !
رد وهو يفتح عينيه بصعوبة
– ايووووووووووه جت ع الجرح ياباشا تعرف الثورة دي تشبه ايه ؟
واكمل دون ان ينتظر مني ردا
– تشبه رفع غطاء عن غرفة مجاري !! وخرج الطفح كله للشارع
إحنا ياباشا شلنا الغطاء ده عشان كذا الطفح من كل نوع غرق الشارع
– قلت له بس يعني الطفح والوسخ كان موجود !!
رد بفلسفة واضحة
– اه كان مستخبي بس موجود كان مرض سري مدمر دلوقتي خرج لبره كله طفح وده حلو مش وحش ياباشا
و يكمل عم حنفي الابهة نظريته ويقول
المعركة هي ان اللي طلع الحكم عايز يحل الموضوع بان يرجع الوسخ تاني لجوة البلاعه مش ينظفها لا عايزنا نرجع كلنا الى البلاعه ! وده صعب
الناس اللي لسه ناس تشوفها فرصه ننظف ونبعد الوسخ مش نرجعه تاني ونضغط عليه وبعدين ينفجر
والتفت نحوي يسأل
هو عندكم مش برضه حصل كده ؟؟
قلت تقريبا مع فارق بسيط هو اننا احنا مشروعنا مختلف
– ازي ياباشا ؟
– احنا المجاري بتاعنا اوسع شوي يا حنفي ومعركتنا اطول
يندهش وهو يقف على الرصيف
معقولة ياباشا في مجاري اكثر من حقنا ؟
ارد عليه ياعم كل واحد شايف بلاعته اكبر واجمل !