قال إسماعيل ولد الشيخ أحمد المبعوث الخاص للأمين العام إلى اليمن إن أطراف النزاع ماضية في صراع عسكري “عقيم” يعيق طريق السلام في الوقت الذي يعاني فيه الشعب من كارثة إنسانية صنعها الإنسان.
وفي كلمته في الجلسة التي عقدها مجلس الأمن الدولي بشأن الأوضاع في اليمن، قال ولد الشيخ أحمد:
“استمرت الاشتباكات وتبادل النيران الثقيلة على جميع المحاور الرئيسية، بما في ذلك محافظات تعز ومأرب والجوف والبيضاء وحجة وصعدة، والمناطق الحدودية السعودية اليمنية. يعكس الارتفاع الحاد الأخير في عدد الإصابات في صفوف المدنيين مرة جديدة استمرار الأطراف في التغاضي عن الخسائر في أرواح المدنيين والتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي. وقد تسببت غارة جوية على ضاحية سكنية في صنعاء في 25 آب / أغسطس بمقتل 14 شخصاً، وإصابة 16 آخرين، بالإضافة الى أضرار لحقت بالبنية التحتية المدنية.”
وتحدث المبعوث الدولي عن مدينة تعز وتعرض المناطق السكنية فيها للقصف من مناطق واقعة تحت سيطرة قوات الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح.
وأشار إلى القرار الذي اتخذه مجلس حقوق الإنسان مؤخرا، بشأن دعم اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان وتشكيل فريق من الخبراء للتحقق من الانتهاكات والإساءة لحقوق الإنسان والقانون الدولي. وقال إن القرار علامة دامغة على التزام المجتمع الدولي المتزايد تجاه اليمن، وخطوة إلى الأمام نحو المساءلة والحد من الانتهاكات في المستقبل.
وأضاف إسماعيل ولد الشيخ أحمد أن النزاع يخلف وضعاً مأساويا في كل جانب من جوانب الحياة اليومية. وقال إن الاقتصاد آخذ في التقلص، ولا يزال استخدام عائدات الدولة المتضائلة لتمويل الحرب يقوض دفع الرواتب التي يعتمد عليها ملايين اليمنيين.
“حاليا، لا يستطيع نحو 17 مليون شخص الحصول على ما يكفي من الطعام، ويواجه أكثر من ثلث مقاطعات البلاد خطر المجاعة الحادة. وقد أدى تدمير البنية التحتية وانهيار الخدمات العامة إلى تفشي مرض الكوليرا بشكل هو الأسوأ في تاريخ العالم، والذي أدى إلى مقتل أكثر من 2100 شخص وما زال يصيب الآلاف كل أسبوع. ستعيش أجيال وأجيال من الشعب اليمني تبعات هذا النزاع بما في ذلك، الدمار الواسع وسوء التغذية وغياب التعليم والتدهور الاقتصادي.”
وأكد المبعوث الدولي عدم وجود رابح في ساحة المعركة في اليمن، وأن الخاسر الأكبر هو الشعب اليمني الذي يدفع أبهظ ثمن للحرب، ويزداد فقرا فيما يغتني الزعماء ويرفضون الحلول كيلا يخسروا قدرتهم على التحكم والسيطرة.
“على الأطراف أن تقرر الالتزام بوقف الأعمال العدائية والمضي في مناقشات بشأن اتفاق سلام شامل، كما عليها أن تجد أرضية مشتركة للتخفيف من آثار النزاع والجوع والمرض، وزيادة الثقة بينها. إن التوصل إلى اتفاق لتيسير وصول المساعدات الإنسانية والسلع التجارية الى الحديدة ومنها إلى كافة المناطق اليمنية، وفتح مطار صنعاء الدولي وضمان دفع الرواتب بشكل ثابت، هو الخطوة الأساسية للتخفيف من تأزم الوضع الإنساني الا أن هذه الخطوات لن تكون بديلة عن الحل الكامل والشامل الذي نريد التوصل اليه وستكون جزءا من خطة سلام أكثر شمولية.”
واستنادا إلى ذلك واللقاءات التي أجراها المبعوث الدولي مع مسؤولين يمنيين ودوليين على هامش اجتماعات الجمعية العامة في نيويورك واتصالاته مع الأطراف، يعمل ولد الشيخ أحمد على وضع مقترح شامل يتضمن مبادرات إنسانية لإعادة بناء الثقة وخطوات لعودة الأطراف إلى طاولة المفاوضات.
وقال إنه سيبحث تفاصيل هذا المقترح مع الحكومة اليمنية وكذلك مع تحالف الحوثيين والمؤتمر الشعبي العام “اللذين تعهدا باللقاء والتباحث بالحيثيات”، معربا عن أمله في أن يقترن التعهد بالأفعال وأن يضاعفا التزامهما بالعمل بهدف التوصل الى حل سياسي سلمي.
وفي ختام كلمته قال المبعوث الدولي إن “أخطر ما في الحرب هو أن نعتاد عليها”. وشدد على ضرورة العمل، وبأسرع وقت، على وقف نزف الدماء والدمار.
وأكد أن الأمم المتحدة تسخر كل قدراتها السياسية واللوجيستية والإدارية والاستشارية لمساعدة اليمن. ولكنه قال إن قرار إحلال السلام لا يمكن أن يتخذ إلا من قبل أطراف النزاع.
وجدد التأكيد على أن المسار الوحيد القابل للتطبيق لمستقبل اليمن هو التسوية التفاوضية. وطلب إسماعيل ولد الشيخ أحمد من مجلس الأمن الدولي استخدام كل نفوذه السياسي والاقتصادي للضغط على الأطراف للالتزام بمسار السلام.
وشدد على ضرورة أن تخرج الأطراف من خنادقها وتضع حدا للخطاب العدائي، وأن تتعاون من أجل اليمن بدلا من أن تتصارع فيما بينها.