طلب المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، من أعضاء مجلس الأمن الانضمام إلى الأمين العام في رفضه لأي خطوات أحادية من شأنها أن تعيق الجهود الدبلوماسية الراهنة لتهيئة الظروف لإعادة الفلسطينيين والإسرائيليين إلى طاولة المفاوضات.
وفي جلسة افتراضية لمجلس الأمن حول الوضع في الشرق الأوسط بما فيها القضية الفلسطينية، دعا ملادينوف إسرائيل إلى التخلي عن تهديدها وقال إن التهديد الإسرئيلي بضم أجزاء من الضفة الغربية يشكل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي، ويوجه ضربة مدمرة لحل الدولتين، ويغلق الباب أمام تجديد المفاوضات، ويهدد الجهود المبذولة لدفع السلام الإقليمي قدما وجهود الحفاظ على السلام والأمن الدوليين.
إن التهديد الإسرئيلي بضم أجزاء من الضفة الغربية يشكل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي ويوجه ضربة مدمرة لحل الدولتين — نيكولاي ملادينوف
وتأتي إحاطة السيّد ملادينوف بعد ثلاثة أيام من منح الثقة للحكومة الائتلافية الجديدة في إسرائيل بعد عام من عدم اليقين السياسي. وقال المسؤول الأممي: “ستعمل الأمم المتحدة مع القيادتين الإسرائيلية والفلسطينية ومع الشركاء الإقليميين والدوليين لخلق الظروف المواتية للعودة إلى مفاوضات ذات معنى“.
وكرد فعل على الخطوة الإسرائيلية، أعلنت القيادة الفلسطينية يوم أمس الثلاثاء أنها أصبحت في حل من جميع الاتفاقيات والتفاهمات مع الحكومتين الإسرائيلية والأميركية وجميع الالتزامات التي تقوم على هذه التفاهمات والاتفاقيات، ومن بينها الأمنية، ودعت إسرائيل لتحمل مسؤولياتها كسلطة قائمة بالاحتلال.
ويرى ملادينوف أن القرار الفلسطيني صرخة يائسة للمساعدة ودعوة إلى العمل الفوري: “إنها صرخة يائسة من جيل استثمر كل حياته في بناء المؤسسات والتجهيز للدولة على مدار أكثر من ربع قرن. والطريق أصبح وعرا أكثر عمّا كان عليه في حديقة البيت الأبيض في 13 أيلول/سبتمبر 1993، عندما تم توقيع الاتفاقية”.
تهديد كوفيد-19
ورغم ارتفاع مستوى التوتر السياسي، واصلت السلطات الإسرائيلية والفلسطينية تنسيق الجهود للحد من انتشار الفيروس واتخاذ خطوات مدروسة بعناية لإعادة فتح الاقتصادات وتخفيف القيود.
يساورنا القلق إزاء قدرة القطاع الصحي الفلسطيني على التعامل مع تفشٍ محتمل وخاصة في غزة، حيث يوجد نقص في المستلزمات الأساسية — نيكولاي ملادينوف
وأشار ملادينوف إلى أن الجهود الناجحة نسبيا في الوقاية من المرض في الأرض الفلسطينية المحتلة ضمنت حتى الآن عدم إثقال كاهل القدرات النظام الصحي المحدودة. وأضاف: “يساورنا القلق إزاء قدرة القطاع الصحي الفلسطيني على التعامل مع تفشٍ محتمل وخاصة في غزة، حيث يوجد نقص في المستلزمات الأساسية من بينها الاختبارات ومعدات الوقاية الشخصية وأجهزة التنفس ومستلزمات وحدات العناية المكثفة، بسبب الفجوة في التمويل والنقص في الإمدادات العالمية“.
وفي غزة، أوضح ملادينوف أنه حتى نهاية نيسان/أبريل، لم يتبق من مخزون الـ 44% من الأدوية الأساسية والـ 30% من الإمدادات الطبية الأساسية ما يكفي سوى لأقل من شهر.
وقال: “دمّر كوفيد-19 اقتصاد غزة في جميع القطاعات وتوقف نحو 13 ألفا من عمال المصانع عن العمل مؤقتا، وأغلقت جميع المطاعم والفنادق أبوابها وتم تسريح 10 آلاف من العمال، ونصف الموظفين في قطاع التكنولوجيا والمعلومات“.
وأضاف أن عشرات الآلاف من الفلسطينيين فقدوا وظائفهم، ولم تعد الشركات الصغيرة والمتوسطة قادرة على العمل، ولا يستطيع الأطفال العودة إلى المدارس ويزداد العنف ضد النساء والأطفال، مشيرا إلى أن الأشخاص الأضعف هم الأكثر عرضة للمعاناة.
العائدات الفلسطينية
انخفضت عائدات السلطة الفلسطينية بشكل حاد بسبب القيود المفروضة على الحركة والعمليات التجارية وانخفاض الطلب على السلع. وبالنظر إلى الإنفاق الإضافي المطلوب للاستجابة والتعافي من كوفيد-19، تشير التقديرات إلى أن العجز المالي للسلطة الفلسطينية قد يتجاوز ملياري دولار في 2020.
وتابع ملادينوف يقول إن ما يزيد الأمور تعقيدا هو صدور أمر عسكري إسرائيلي معدّل في 9 أيّار/مايو يزعم أن البنوك التجارية الفلسطينية مسؤولة عن إجراء المدفوعات من السلطة الفلسطينية للأسرى الفلسطينيين أو أسرهم أو أسر القتلى في الهجمات. وفي 24 نيسان/أبريل، أصدرت محكمة إسرائيلية قرارا بمصادرة مؤقتة لـ 128 مليون دولار من السلطة الفلسطينية كتعويض لعائلات ضحايا الهجمات ضد الإسرائيليين خلال الانتفاضة الثانية.
استمرار الاشتباكات
وفي الوقت نفسه، تواصلت الاشتباكات بين القوات الإسرائيلية والفلسطينيين وقُتل في الضفة الغربية فلسطينيان بينهما يافع، وقُتل جندي إسرائيلي. وأصيب 65 فلسطينيا بجراح بينهم ستة أطفال، وأصيب إسرائيليان بجراح (جندي وطفل) في أحداث متفرقة.
وسجّل مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) 20 حادثة اعتداء مستوطنين إسرائيليين على فلسطينيين أو على ممتلكاتهم. ومعظم هذه الحوادث كانت في محافظتي رام الله ونابلس. وفي نفس الفترة سجلت أوتشا 23 حادث إلقاء حجارة وقنابل مولوتوف، حيث أصيب مدنيون إسرائيليون في الضفة الغربية أو تم إلحاق الأضرار بممتلكات.
وهدمت السلطات الإسرائيلية 32 بناء تابعا للفلسطينيين في المنطقة (ج) بسبب عدم الحصول على ترخيص، مما أدى إلى تشريد 16 شخصا من بينهم 10 أطفال، وألحق الضرر بعشرات الأشخاص الآخرين، بحسب المسؤول الأممي.
الحالة على طول الخط الأزرق
وتطرق ملادينوف إلى أحدث التطورات في لبنان، حيث بدأت الحكومة بمناقشات رسمية مع صندوق النقد الدولي في 13 أيّار/مايو بعد اعتماد خطة وطنية للتعافي المالي. وقال ملادينوف: “في خضم الزيادة في عدد حالات كـوفيد-19، فرضت الحكومة اللبنانية إغلاقا يستمر لأربعة أيام في 13 أيّار/مايو، باستثناء الخدمات الأساسية، للسماح بتتبع المخالطين والاختبار“.
ولا تزال الحالة في منطقة عمليات اليونيفيل مستقرة، بما في ذلك على طول الخط الأزرق. وقد عقدت اليونيفيل في 14 أيّار/مايو اجتماعا ثلاثيا مع الجيش اللبناني والجيش الإسرائيلي لحث الطرفين على تجنب “الأفعال الاستفزازية” والاستفادة الكاملة من ترتيبات التنسيق للحفاظ على وقف الأعمال العدائية.