القاهرة / بشرى العامري :
حذر عز الدين الاصبحي نائب رئيس الفيدرالية الدولية لحقوق الانسان رئيس مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الانسان من انزلاق العمل الحقوقي في الوطن العربي في الصراع الحزبي والسياسي خلال الوقت الراهن معتبرا اياه خطأ جسيما يجب ان تتفاداه القيادات الحقوقية والا تكون مجرد ادوات للصراع السياسي , وعليها ان تقدم رؤية لصون حركة حقوق الانسان في المجتمع العربي .
داعيا لدى افتتاحه اليوم الاثنين اعمال المؤتمر العربي الاقليمي نحو رؤية لحركة حقوق الانسان في العالم العربي والذي ينظمه مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الانسان HRITC بالتعاون مع مؤسسة المستقبل والمنظمة العربية لحقوق الانسان بالقاهرة , والبرنامج العربي لنشطاء حقوق الانسان الى ضرورة الخروج من دائرة الاحتجاج العادية الى دائرة المشاركة الفعالة وتقديم المقترحات التي تصنع التغيير
وقال الاصبحي ( اننا نعيش في وضع صعب وهام في حركة حقوق الانسان , وان هناك من يحاول ان يغيب دورها الفاعل وقيادتها لكل الانتفاضات التي حدثت مؤخرا مطالبا الحركة العربية باستمرار نضالها والحفاظ على استقلاليتها , منوها الى انه رغم كل الجهود المبذولة من قبل الحركة الحقوقية إلا انها لم تصل بعد الى اهدافها المرجوة .
وأضاف ( نحن لا نزال نعايش ثورات لم تكتمل خطاها بعد ونحتاج الى رؤية حقوقية تصون الكرامة والحقوق في الوطن العربي لنصل الى انسان سوي قادر على المشاركة في الحياة وصنع المستقبل ) , مشيرا الى ان غياب الشراكة الحقيقية للفاعلين السياسيين من الحقوقيين اثناء صياغة الدساتير في الوطن العربي كانت من اجل ضرب مسألة الشراكة الحقوقية , داعيا الجميع الى التعاون والتعاضد من اجل الحيلولة دون ذلك .
وذكر الاصبحي في حديثه ان جمهورية مصر تعد رائدة في الحراك الحقوقي وهي القلب النابض الذي نقيس فيه مدى تقدمنا او تراجعنا في المنطقة العربية بأكملها .
مضيفا في ختام حديثه ( نريد ان نحقق اهدافنا التي حلمنا بها خلال اربعة عقود ماضية والتي تعبر عن ابرز رؤى القيادات الحقوقية التي هي نتاج الحركة الحقوقية ونريد استكمالها وتحقيقها على ارض الواقع ) .
فيما اكد محمد فائق رئيس المجلس القومي لحقوق الانسان بمصر بان حركة حقوق الانسان في الوطن العربي اكبر كثيرا من منظمات وجمعيات حقوق الانسان التي هي جزء من الحركة وليس كلها و تشمل ايضا الفن والصحافة والسينما .
مشيرا الى ان هذا المؤتمر يأتي في لحظة تاريخية تشهد خلالها المنطقة العربية وضعا غير مسبوقا في ظل الصراعات التي تنشد الاصلاح والعدالة الاجتماعية وحرية حقوق الانسان .
وذكر فائق ان النماذج المتميزة استطاعت خلال العقدين الماضيين ان ترسم دستورا للحياة البشرية وسط عناء اللحظات , وبان الطريق قبل اكثر من 30 عاما لم يكن سهلا وان النجاحات التي حققتها حركة حقوق الانسان في الوطن العربي ليست بالقليلة .
وأضاف ( ان كان الطريق لازال طويلا لبلوغ احلامنا لكننا نثق بأننا على الطريق الصحيح ونعمل دون كلل او ملل بجهدنا المشترك والحثيث والمطلوب لتعزيز جهودنا المختلفة والمتنوعة لنصرة قيم ومعارف حقوق الانسان ) .
مؤكدا ألا دولة آمنة ومستقرة قادرة على تنمية اقتصادها وعادلة في معزل عن تلبية حقوق الانسان هي حركة من اجل الوطن والمواطن ومن اجل البناء وليس الهدم .
من جانب اخر اكد علاء شلبي امين عام المنظمة العربية لحقوق الانسان ان المجتمع العربي كان ولا يزال هو المحرك الحقيقي للثورات سواء فيما شهدته من نجاحات او انتكاسات .
ودعا فائق مؤسسات المجتمع المدني الى العمل بشفافية وحيادية ووضوح في العمل المدني على كافة القضايا والأصعدة وان تنخرط مؤسسات المجتمع المدني في حركة حقوق الانسان بشكل جاد , مؤكدا في الوقت ذاته على ضرورة انتهاج الشفافية كسبيل وحيد للعمل المدني تعزيزا لقيمة ومبدأ المساءلة والمحاسبة .
كما اشار حجاج نايف مدير البرنامج العربي لنشطاء حقوق الانسان الى ان الاحداث التي تجري حولنا دفعت بالوضع العربي الى واقع اكثر غموضا وعكست مدى الحاجة الحقيقية الى دور جاد ومسئول للمجتمع المدني , كما دفعت الشعوب الى السعي قدما نحو الامام في كثير من قضاياها المنشودة .
ونوه في سياق حديثه الى تحويل الدول والمنظمات والأنظمة المستبدة الفاسدة مسألة حقوق الانسان الى كبش فداء للمعادلات السياسية المعقدة المرتبطة بالمصالح السياسية فيما بينها البين , وكذا التراجع الكبير في مسار الحقوق والحريات والديمقراطيات المنشودة في كثير من الدول العربية كمصر واليمن وليبيا .
وقال نايف ( استطعنا خلال الفترة الطويلة الماضية من نضالنا الحقوقي في الوطن العربي ان ننتزع الكثير من الحقوق والحريات لتصبح كلمة حقوق الانسان متداولة وبقوة في اركان الوطن العربي بعد ان كانت ضربا من الجنون ) مؤكدا على اهمية التركيز على مسار المستقبل لحركة الحقوق في ظل الغموض الذي يكتنف الحياة السياسية والمصيرية .
واضاف ( قد لانصل الى كل النتائج المرجوة لكن وصولنا الى بعض النتائج نجاح لتغيير المستقبل القريب الى الافضل ) .
فيما دعا رئيس مؤسسة المستقبل يختيار امين رئيس وزارة حقوق الانسان الاسبق بحكومة العراق قادة الحركة الحقوقية في الوطن العربي الى الابتعاد عن ملئ جيوبهم بالأموال والاتجاه بشكل جاد وقوي نحو بناء اسس وقواعد الديمقراطية والحكم الرشيد , مؤكدا على ضرورة نقد المجتمع المدني الحقوقي في الوطن العربي لذاته وتقييم عمله بشكل سليم على اسس الشفافية من اجل تكوين رؤية واضحة لاحتياجات المنطقة والتحديات التي تواجهها في كافة المجالات .
واشار في سياق حديثه الى وجود مايقارب المائة مليون عاطل في الوطن العربي و20 مليون مغترب عن موطنه مابين لاجيء ونازح مما يؤكد ان الاهتمام بمثل هذه القضايا الهامة من قبل المجتمع المدني ليس بالمستوى اللائق .
مشيرا الى انه مع قدوم العام 2050 سيصبح هناك اكثر من 700 مليون شخص يعاني من شحة المواد الغذائية والمياه في ظل التغيير المناخي وهذ يدعو الى التفكير بالمستضعفين في المنطقة العربية
وتحدث عن حروب الادمغة التي هجرت مايربو عن 47 الف طبيب من 11 بلد عربي الى دول اوروبا والذي يعيق عملية تجنيد الناس في القوى الحراكية الحقوقية ويزيد صعوبتها انتشار الجهل والعنف المتزايد والبطالة في المنطقة مع تحويل الحكام والانظمة الاستبدادية تلك البلدان الى متحف للجرائم ومصنع للالام والهموم .
ودعا الى وقف الاعتقالات التعسفية في المنطقة ووقف الانتهاكات التي تطال ناشطي الحركات الحقوقية في المنطقة والسعي لتحزيل العقد المقبل من حركة توقيع الاتفاقيات الى تنفيذ تلك الاتفاقيات .
وقد طالب العديد من النشطاء المشاركين في المؤتمر الإفراج عن الصادق المهدي، الذي اعتقلته الأجهزة الأمنية السودانية بتهم كيدية , ووقف الاعتقالات التعسفية في كافة المناطق العربية والمدافعين عن حقوق الإنسان .
كما طالبوا بضرورة المراجعة الحقيقية لمسار حقوق الإنسان في مرحلة من أصعب المراحل التي تمر على الحركة الحقوقية العربية.
هذا ويناقش المؤتمر الذي يشارك فيه على مدى يومين متواصلين اكثر من مائة شخصية هامة من ممثلي المجتمع المدني والفاعلين في المجال الحقوقي والفكري من مختلف البلدان العربية عدة محاور رئيسية في مجال حقوق الإنسان، من بينها واقع حركة حقوق الإنسان العربية على المستوى الإقليمي والمحلي في دول عربية عديدة، والتحديات السياسية الراهنة أمام حركة حقوق الإنسان، وكيف تتفاعل حركة حقوق الإنسان العربية مع مطالب الشارع العربي بالتغيير والانتقال الديمقراطى، ودعم مؤسسات المجتمع المدنى فى الفترة الانتقالية فى منطقة الشرق الأوسط .