تتسارع وتيرة الأعمال الإرهابية في أوروبا منذ مطلع عام 2015، وتتزايد مساحة الدماء التي تسيل في أنحاء القارة العجوز لتشمل فرنسا وألمانيا وبلجيكا وتركيا، إلى جانب بريطانيا وإسبانيا في أوقات سابقة.
ويشكل الهجوم الأخير، الذي وقع الثلاثاء وأدى إلى مقتل راهب ذبحا على أيدي اثنين من المسلحين اللذين قتلتهما الشرطة في وقت لاحق، أحدث سلسلة في الهجمات الإرهابية التي تضرب أوروبا.
وكان تقرير صدر مؤخرا عن الشرطة الأوروبية “يوروبول” قد أفاد بارتفاع عدد الأشخاص الذين قتلوا في هجمات متطرفة في أنحاء أوروبا عام 2015، مقارنة بالعام الذي سبق ذلك، لكن يبدو أن العام 2016 سيكون أكثر دموية.
وحذر التقرير من أن تنظيم داعش ربما “يزيد التركيز على العمليات بالخارج”، فيما يضعه التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة تحت الضغط في سوريا والعراق.
دماء في ألمانيا
قبل حادثة ذبح الراهب في فرنسا، امتدت يد الإرهاب والعنف إلى ألمانيا في الآونة الأخيرة، رغم التدابير الأمنية المكثفة التي اتخذتها السلطات عقب الهجمات التي ضربت فرنسا في نوفمبر 2015، وبلجيكا مطلع العام الجاري.
وكان آخر هجوم شهدته ألمانيا ليل الاثنين الماضي، حين فجر لاجئ سوري، كان يحمل حقيبة فيها قنبلة، نفسه قرب مهرجان موسيقي في مدينة أنسباخ بإقليم بافاريا جنوبي البلاد.
وأدى التفجير إلى مقتل الشاب البالغ من العمر 27 عاما، وإصابة 12 آخرين بجروح، من بينهم 3 إصاباتهم خطرة. وذكرت مصادر أمنية ألمانية أن الشاب تقدم بطلب لجوء ورفض قبل نحو عام.
وجاء التفجير في وقت تواجه فيه ألمانيا، وولاية بافاريا بشكل خاص، تداعيات الهجوم على مركز تجاري بمدينة ميونيخ قبل يومين فقط، والذي أدى إلى مقتل تسعة أشخاص وإصابة العشرات.
ونفذ الهجوم في ميونخ مراهق ألماني من أصل إيراني يدعى علي داود سنبلي (18 عاما)، حيث أطلق النار على المتسوقين داخل مركز تجاري، ثم أطلق النار على نفسه، كمال قالت الشرطة الألمانية.
وقبل هجوم ميونخ بأيام قليلة، أسفر هجوم طالب لجوء أفغاني بفأس على ركاب قطار قرب مدينة فورتسبورغ، الاثنين الماضي، عن إصابة خمسة أشخاص على الأقل. وقتل الفتى البالغ من العمر 17 عاما، على يد الشرطة خلال فراره من مكان الحادث.
وفي وقت سابق، الأحد، اعتُقل لاجئ سوري عمره 21 عاما، بعد قتله امرأة حاملا وإصابته اثنين آخرين في مدينة ريوتلنجن جنوب غربي ألمانيا قرب شتوتغارت.
ويعد التفجير الذي شهدته مدينة أنسباخ بإقليم بافاريا رابع حادث عنيف تشهده ألمانيا خلال أسبوع، إلا أن الشرطة قالت إنه لا الهجوم الذي وقع بفأس ولا إطلاق النار في ميونيخ يحملان ما يشير إلى صلتهما بتنظيم داعش المتشدد.
غير أن التنظيم أعلن عن الهجوم الذي وقع بفأس في 18 يوليو الجاري في ألمانيا. كما أعلن مسؤوليته عن هجوم نيس جنوبي فرنسا في 14 يوليو الجاري، عندما دهس تونسي بشاحنة حشودا كانت تحتفل باليوم الوطني، مما أدى إلى مقتل 84 شخصا.
دماء في فرنسا
يعد الهجوم الذي قام بها عادل كرميش وشخص آخر على كنيسة قرب مدينة نورماندي، أحدث هجوم بسلسلة الهجمات التي ضربت فرنسا خلال العامين الجاري والماضي.
ففي نوفمبر الماضي، كانت فرنسا على موعد مع سلسلة هجمات متزامنة ضربت العاصمة باريس، وتبناها تنظيم داعش المتشدد.
ويعد الهجوم أسوأ هجوم إرهابي تتعرض له فرنسا، إذ حصد 130 قتيلا غالبيتهم من الشباب إضافة إلى 350 جريحا، واستهدفت الهجمات مسرح باتاكلان في باريس والعديد من مقاهي ومطاعم العاصمة، ومنطقة قريبة من ملعب فرانسا في ضاحية سان دينيه.
وفي 7 يناير من العام الماضي، قتل 12 شخصا في هجوم على مقر مجلة “شارلي إيبدو” الساخرة بباريس، بينهم صحفيون ورسامون وشرطيان، وبعد يومين قتل المنفذان الأخوان شريف وسعيد كواشي أثناء محاولة اعتقالهما.
وفي 8 يناير، قتل أحمدي كوليبالي شرطية وأصاب موظفا بلديا في مونروج جنوبي باريس، وفي اليوم التالي، احتجز رهائن داخل متجر يهودي في باريس وقتل أربعة منهم قبل أن تقتله الشرطة.
أما في 3 فبراير من العام ذاته، فتعرض 3 جنود لاعتداء بالسكاكين أثناء الخدمة أمام مركز لليهود في نيس، وسرعان ما اعتقل المهاجم موسى كوليبالي (30 عاما)، الذي عبر أثناء احتجازه عن كراهيته لفرنسا والشرطة والجنود واليهود.
وفي 26 يونيو 2015 قتل ياسين صالحي مديره إيرفيه كورنارا وقطع رأسه قرب ليون، ثم حاول تفجير مصنع بتروكيماويات بتوجيه شاحنته للاصطدام بقوارير غاز، لكنه اعتقل قبل تنفيذ خطته.
وأحبط شبان أميركيون كانوا في إجازة، هجوما خطط له مغربي يدعى أيوب الخزاني في قطار يربط بين أمستردام وباريس، في 21 أغسطس 2015، وكان المهاجم المدجج بالسلاح يطلق النار داخل القطار لكنهم سيطروا عليه.
وفي 13 يونيو الماضي، قتل المتشدد العروسي عبالة بالسكين شرطيا وذبح صديقته التي تعمل موظفة في مخفر قريب، بعد أن اقتحم منزلهما في مانيافيل غرب باريس، لكن وحدة من قوات النخبة في الشرطة أردته قتيلا.
دماء في بلجيكا وتركيا
وطال الإرهاب أيضا العاصمة البلجيكية بروكسل، ففي 22 مارس الماضي قتل أكثر من 30 شخصا في سلسلة تفجيرات شملت مطار بروكسل الدولي ومحطة مترو مالبيك في المدينة، ووقعت بعد يوم من إلقاء القبض على صلاح عبد السلام، المشتبه به الرئيسي في هجمات باريس.
وفي 28 يونيو الماضي، تعرض مطار أتاتورك في إسطنبول إلى أكثر الهجمات دموية في تركيا منذ سنوات، حيث قتل 45 شخصا وأصيب المئات بإطلاق نار وتفجيرات انتحارية