عزالدين سعيد الاصبحي
نقيس مدى رقي الأمم وتقدم الدول من احترامها للإبداع والمبدعين، وعندما تردت أحوالنا السياسية والاقتصادية كانت المقدمة في تدمير الحكام الجهلة لكل ما له علاقة بالادب والفن وتقديرهم لكل ما هو تافه.
** في فترة الزعماء القادة أصحاب الرأي والرؤية كان الرئيس اللبناني بشارة الخوري وهو من زعماء الاستقلال ورجال الوطنية اللبنانية يزور إحدى القرى اللبنانية عندما انبرى له مواطن يعقب على خطابه.. قال له المواطن يارئيس بشاره الخوري نحن نعرفك ليس كرئيس فقط ولكن كشاعر وأديب ونحفظ شعرك وهنا خلط المواطن بين الرئيس بشارة الخوري والشاعر بشارة الخوري الشهير باسم الأخطل الصغير وصاحب أجمل قصائد الرومانسية مثل عش أنت وقصيدة أضنيتني بالهجر – وقصيدة أتت هند تشكو إلى أمها فسبحان من جمع النيرين والتي لحنت باليمن في الأربعينات من بامخرمة وأعادها احمد فتحي مؤخراً.
– فقام احد رجال الحاشية بنهر المواطن والتوضيح له ان الرئيس بشارة الخوري غير الشاعر بشارة الخوري ويشعر المواطن بخطئه الفادح وكأنه يقلل من الشاعر أمام الرئيس الذي تشابه اسمه مع شاعر بلده .. إلأ أن الرئيس بشارة الخوري رد بسرعة وذكاء واحترام إن الشاعر هو الأهم والأكثر اهمية واحتراما قائلاً:
بإمكان لبنان أن يأتي برئيس كبشارة الخوري الرئيس كل خمس سنوات مرة لكنه لا يمكن أن يأتي بشاعر مثل بشارة الخوري إلأ مرة واحدة..
ولكن مضى ذلك الزمان الذي كان الحاكم ينحني احتراما للإبداع وصار الكل ينحني للحاكم والمتسلط فضاع الإبداع في الإسفاف وانتهى الحكم إلى طغيان ..
وافتقدنا كليهما بهذا الزمن الردئ بشارة الرئيس وبشارة الشاعر
أتذكر ذلك وأنا اسمع واحده من أجمل قصائد الأخطل الصغير – بشارة الخوري – التي غناها فريد الأطرش – أضنيتني بالهجر ما أظلمك
– **أضنيتني بالهَجر ما أظلمك
فارحم عسَى الرحمن أن يرحمك
مولاي حَكَّمتُك في مُهْجَتي
فارفِق بها يفديك من حَكَّمك
ما كان أحلى قُُبُلات الهوَى
إن كنت لا تذكُر فاسأل فمك
تمُر بي كأنني لم أكُن ثغرك
أو صدرك أو معصمك
لو مر سيفٌ بيننا لم نكُن نعلم
هل أجرى دمي أم دمك
سَل الدُجَى كَم راقني نجمه
لما حكَى مبسمه مبسمك
يا بدرُ إن واصَلتنِي بالجَفا
ومِتُ في شَرْخ الصِبا مُغرما
قل للدُجَى ماتَ شهيدُ الوفا
فانثُر على أكفانِه أنجُمك