درس من تونس !!
الناس تتعلم والحكام لا !!
— عزالدين سعيد
——————————————————–
هذا الاسبوع عاشت تونس على اعصابها بسبب الصدام بين اتحاد الشغل والحكومة
لا تزال الحركة النقابية في تونس قوية وفاعلة وتحظى باحترام الناس وذاكرتهم
منذ ايام الاستقلال والصراع في عهود استبداد بورقيبة وبن علي كان النقابيين ويسار السياسة هم من يضحي بالعمر والصحة والسنين في السجون
ثم جاءت الزنازن لتستقبل المعارضة الاسلامية في عهد بن علي
وهكذا صار من تقاسم الزنازن والمنفى يوما ما يتقاسمون السلطة والشارع الان
والشارع مقسوم بحدة والخوف على اشده
لأن التحول الى زمن جديد له ثمنه ايضا
تفقد حركة النهضة الحاكمة الكثير من انصارها ومؤيديها المستقلين بسبب عدم نجاعة الحكم او تكرار اخطاء النظام السابق ولكن لا يعني ان الاخرين يكسبون ايضا !!
وتنفس الناس الصعداء عنما توصلت الحكومة الى اتفاق مع اتحاد الشغل والغي الاضراب المقرر لأن الحالة الاقتصادية لا تحتمل المزيد من الخسائر
وعندما تركب التاكسي افتح موال الحالة الاقتصادية لتجد الشكوى وتسمع قصص مختلفة وانا على ثقة من سائقي التاكسي مصدر هام للمعلومة الحقيقية ونبض الشارع وارى ان سائقي التاكسي بالوطن العربية اشقاء تم نسخهم وتوزيعهم بالتساوي على تونس والقاهرة والاردن واليمن والمغرب وو غيرها هي نفس النغمة بلهجة مختلفة والاهم انه بسبب الربيع العربي صار الكل محلل سياسي والكل يتقمص شخصية ضيوف بائعي الوهم بالفضائيات العربية !
في شارع الحبيب بورقيبة أي قلب تونس العاصمة تلتقط المشهد الذي تريد عن التحول في تونس
تنوع الناس والملابس يعطيك مؤشر معقول كان الحجاب نادرا في قلب العاصمة ولكن الان تجد النقاب ولو قليلا وتجد من يتعمد إظهار الزي الشهير للسلفيين بالقميص القصير واللحية المرسلة
وتجد النساء المتمسكات بمكتسبات عصر الاستقلال يدافعن بشراسة عن حقوق المرأة وصوتهن يقوى ولا يضعف
قدر لي ان اناقش بيومين عدد لا باس بهم من السلفيين بتونس وان ارى تيار العلمانيين ايضا هذا الوضوح بالطرح الفكري الى حد الصدام لا تجده إلأ في تونس لدينا مثلا مشكلة باليمن اذا قلت لأحد هل انت علماني؟ فيخاف لأن الكثير يرى ذلك كفرا !!
في تونس هامش الحرية الفكرية وتغليب العقل لا يزال بخير رغم محاولات مستميته من اشقاء عرب يريدون الغاء هذا التعايش بقوة !
ولكن اظن ان الامور اصعب لأن تغليب العقل وحرية الفكر وإطلاق سراحه في هذه البلاد لا يعود الى نهضة الاستقلال ومشروع بو رقيبة فقط ولكن هو ممتد الى ابعد من ذلك الى ايام الاندلس والى فكر ابن خلدون الذي هو رمز هذه البلاد لذلك من الاجدر لتونس ان تحافظ على نزعة العقل وتكون ساحة للحرية ونافذة للعرب نحو العالم المتقدم لا ان تكون حديقة خلفية لصحراء الجزيرة العربية
وحسب الوزير الايطالي الذي كان يتحدث لنا بالندوة مع الدول العظمى انه يرى في تونس امتداد للتواصل الحضاري العالمي وقال
يكفي اني كأيطالي لا احس بالغربة في تونس ولا احتاج الى اكثر من ساعة بالطائرة لأكون هنا !!
لم اقل له اننا نحتاج الى ثمان ساعات وان البعض يريد ان يعيد تونس ثمانية قرون !! وتركته ينظر للتواصل الحضاري وذهبت اسمع عم العروسي بمقهى البلد وهو يصب الشاي ويؤكد لي
ان الكل يلعب على الكل ؟؟!!
قال كنا في تونس نخاف السياسة ونكتفي بالصراع على اللعب بين ابرز فريقين لكرة القدم بالعاصمة الترجي والافريقي الان ما عدنا نهتم بغير السياسية يا ولدي و ولا أي وصار الكل يلعب بالسياسة ويحكي بالسياسة
والحقيقة ان الكل صار يلعب فينا !!
قلت هل ندمتم على الثورة ؟ رد بسرعه لا لا لا
الزين طاغية وعائلة الطرابلسية اهل زوجته كارثه عليه وعلى تونس وكان لازم يغادر لأن الظلم له حدود لكن ؟؟
قلت لكن ماذا ياعم عروسي ؟
رد لكن لازم نتعلمو انه كان في تونس اشياء باهية من نظام اداري واستقرار ولازم ننحو الفساد وننحو أي نبعد الفساد – ونحافظ على الاشياء الباهية !
والاهم نبعد توظيف الاقارب واهل الحومة ! واهل الحومة يعني الحارة ويقصد بها العروسي فيلسوف مقهى السوق بتونس ان نلغي حصر الوظائف واحتكارها بالاقربين واهل الحزب لأنه حسب تعبيره اذا استمرت المحاباة واقصاء الكادر المؤهل سيعاد انتاج عصابة جديده !! وقال وهو يقترب مني اكثر وبهمس
– هل تعرف ان وزير الخارجية صهر الغنوشي قائد النهضة الحاكمة بتونس ؟
قلت طيب وايش المشكله ياعم عروسي ؟اذا كان كفاءة
رد بحماس وصوت عالي
لا يا ولدي نخاف نرجع لسيرة زين العابدين بن علي ونشوف عائلات تحكمنا وتتحكم برزق العباد والبلاد
واستدرك ليوضح بثقة وهدؤ
لكن كيف ما كان هذا الان صعيييييب جدا أي صعب ياسر أي صعب جدا أي مستحيل ان يعاد حكم العائلات
قلت كيف ؟
قال بحكمة البسطاء
الزمن تغير ياولدي والناس تعلمت ماعاد تخاف صارت تقول وتقاوم وهذا اهم شيئ عملته الثورة
انها خلت الزوالي والزوالي بالتونس الانسان البسيط ما يخاف حد غير ربه بس !
قال بقوة تعرف يا ولدي المصيبة فين ؟
قلت له وقد تجمع حولنا عدد لا بأس به من المعجبين وين المصيبة ياعم عروسي ؟
قال ان الناس من الثورة تعلمت برشه حاجات باهية ( كثير من الحاجات الجيدة ) بس المسئولين والكبار ما تعلموش ابدا !!!
وتسلمي يا تونس