عزالدين سعيد الاصبحي
ماذا نسمي هذا الذي الذي يحدث ؟ لا يمكن أن يكون له اسم ابدا
حالة من الذهول والخنوع العجيب
الكل يسير بالشارع ويرقب السماء وينتظر الضربة الامريكية !
هكذا صرت اتخيل الامة العربية وانا اتنقل بين ارصفة مدنها الان او كما شبهها يوما مظفر النواب زنازين ويد سجان تمسك يد سجان !
الكل يرقب السماء ويتحدث عن القدر الامريكي القادم ولا فرق إلا بالتفاصيل وهو هل الضربة المحدودة تعني كل النظام السوري او معظم الشعب وبقاء معظم النظام !
ثم الكل يسلم لك بقدرية أن الأمور ستجري نفسها بالاردن ولبنان ومصر وإيران وما تبقى من الخليج وما تبقى من اليمن وما تبقى من العالم !!
لا ادري كيف يحضرني بقوة مظفر النواب وشعره والقاءه المميز وصوته الحزين
أشعر بالقهر عليه فهو أول من كسر حواجز الخوف ضد الطغاة وأول من نتنكر له في زمن الثورات المتأرجحه هذه
اهتف معه بحزن ما قاله يوما :
سُبحانَكَ كُلُّ الأشّيَاءُ رَضيتُ سِوى الذُّلْ
وَأنْ يُوضَعَ قَلبِيَ في قَفَصٍ في بَيْتِ السُلطانْ
وَقَنِعْتُ يَكونُ نَصيبي في الدُنيا.. كَنَصيبِ الطيرْ
ولكنْ سُبحانَكَ حتى الطيرُ لها أوطانْ
وتَعوْدُ إليها….وأنا ما زِلّتُ أَطير…
فهذا الوَّطَنُ المُّمّتَدُ مِنَ البَحْرِ إلى البَحْر
سُجُوْنٌ مُتَلاصِقَة..
سَجانٌ يُمْسِكُ سَجان
…
= ااااه يا مظفر صدقت والله
– موجة الكراهية التي تحيط بنا لا يمكن أن تكون مرت علينا ذات يوم !
ويفسر لي طالب تونسي لازال يتأبط كتب الشعر ويحلم بتغيير المجتمع عبر الموسيقى ما غاب عن كثيرين
يقول يوسف :
لقد تم حقن المجتمع من كل الأطراف بكراهية لا تطاق تولد لدينا حالة من اجتثاث الاخر وليس مجرد الاختلاف معه .. انظر الى المجتمع البسيط من عمال وطلاب كيف صاروا يرون الإسلاميين بمصر انهم امه اخرى وعدو لابد من الغاءه ! وليس طرف سياسي مخالف بالرأي !
وبالمقابل الاخوان يرون المجتمع عدو مبين لابد ان يعودوا لازالته وتطهير الارض منه !
هذه تونس التي كانت تتحدث عن مهرجانات الصيف وأرصفة الياسمين و اغاني الطرب الاصيل على شاطئها الوديع
صارت تتحدث عن الاغتيالات وتحفز من رائحة البارود!
فكيف الأمر ببلدان مثل اليمن !
ولا اجيب بل ابتلع صمتي وانا اسمع عن خبر في قلب صنعاء وحادث الانفجار الذي تم الفجر وذهب بمنفذ قبل ان يفجر بالأشخاص المطلوبين
واغتيالات مستمرة ننجح فيها بتجميع اشلاء الضحايا ولا نعرف ملامح القتلة
وفي تونس عاد الشارع الى غضبه وإضرابات الجوع لأن الحوار فشل !
والناس لم تعرف من الذي يغتال الرموز السياسية ولا يعرف كيف يوقف تيار العنف وتنمو أشجار الكراهية بدلا من زهور الياسمين !
في اسطنبول ترى هذا الوضع المرتبك ! تركيا في حالة مراجعة للذات والقيادة التي كانت محل إجماع لم تعد كذلك والشارع المكتظ بلاجئين كثر وعابرين اكثر لا يخفي قلقه من تراجع سمعة الحكومة التركية في الشرق الاوسط
فقلت لنفسي اجمل ما تعمله يا فتى في هذه اللحظة أن تكون بدون هاتف ولا نت ولا اتصالات فالصمت خير خطاب !
مؤلم ان تلوذ بصمتك وتحرص أن لا يكون لك اي علاقة بالاتصالات والاعلام حتى تنجو ليوم وبضع يوم من موجة الكراهية التي تحاصرك من كل منصة اعلامية
لم نعد نسمع غير صوت الالم ولا نرى غير اشلاء القهر وتسحق روحنا احاديث تؤجج الكراهية وتؤسس لعقد سيدوم سنوات طوال
ولكن مهما فررت بصمتك لابد أن تجد هذا الطوفان ينتظرك يا فتى
إن ما يجري في كل هذا الشرق هو عالم جديد يتشكل غصبا عنا واكبر مما نظن !!
– اغادر الى بيروت وأول ما يصلني خبر عن طلب أمريكا من رعاياها ان يغادروا لبنان ! وفورا ..الحمدلله انني لست من رعايا أمريكا !
قلتها لضابط الجوازات وقلب جواز سفري ورد مبتسما
– إذا عليك مغادرة كل مكان يا أستاذ !!
لا مكان لأحد في زمن الضرب هذا !!