عزالدين سعيد
هذا مشوار تكرر معي مرات لم اعد اذكرها لكثرتها خلال السنوات الماضية مشوار السفر بالطائرة من بيروت الى عمان الرحلة لا تستغرق غير ساعة او بالاصح خمسة وخمسين دقيقة ! لا تكفي لأن ترد على نصائح المضيفات المتكررة
ولكن مع هبوب العاصفة الاربعاء 9 يناير اختلف معي الامر هذا مشوار مختلف ولا ينسى
الطائرة الصغيرة تهتز كريشة في مهب الريح !! ( الان ادركت معنى ريشة في مهب الريح!!)
والان فقط اعطي تعليمات المضيفات الاهتمام البالغ وتشعر باهمية شد الاحزمة !!
انا لا تععجبني عبارة وعلى الركاب شد الاحزمة باحكام !!
انها تذكرني بالحكومات العربية سيئة الذكر – وما اكثرها !!- فخطابات الحكومات كلها تقول لك على المواطن شد الاحزمة.. شد الاحزمة ..من اجل الخروج من الازمة الاقتصادية فيتم شد المواطنيين وربطهم بالاحزمة والاحذية ولا يخرجون من الازمات بل يدخلون الازمة تلو الاخرى !
الان بهذه الطائرة الصغير والتسعين راكبا شعرت اني بانبوب كبير يرمى به من عل – على رأي عمنا امرؤ القيس كجلمود صخر حط السيل من عل !!-
والمضيفات غابت منهن ابتسامة معجون الاسنان ثم اختفت المضيفات انفسهن وتركننا للريح وصريخ الركاب !!
والراكبة التي في الكرسي الامامي تصرخ مولولة بلهجتها اللبنانية المحببة
– يامامي يامامي – وتنهار باكية وهي تدعي العذراء لانقادذها
– يالعذراء دخيلك الطفي بينا يالعذراء دخيلك !
والشاب الذي بدا من لهجته الاردنية بدويا اصيلا يصرخ بالقران
ويدعوها ان تستنجد بالله
ويطلب مني ان احفظها اياتين احسن !!
وانا مبتسم لا ارد على احد منهما بل كنت اشبه الرؤساء العرب المتخشبين بعد زحف الجماهيرهم نحوهم يطالبونهم بالرحيل فيفقدوا قدرتهم على التركيز او الحكي !!!
واسوأ ما تجده بهذه المواقف هي تفلسف البعض وتطوعهم بشرح المواقف بطريقة سمجة فيها الادعاءات الكاذبة و المتضخمة وريحة الفساد وقصص الكوارث ويذكروك بوزراء الثورات الجدد الذين يجعلونك تتقيأ لرؤيتهم وجعلونك في حيرة تسأل نفسك فقط كيف ترمي بهم من النافذة ؟!!
الساعة وعشر دقائق مروا كالف سنة مما تعدون ! ولا استطيع ان اصف لكم تفاصيل الخوف الذي عم الجميع لا يمكن لك ان تصف معنى الموت
وانت تشعر به و معلق بالسماء قريب من الغفور الرحيم
لحظة صادقة مع النفس تصيبك فلا تخف بقدر ما تدرك كم هي الدنيا تحتك لا تستحق كل هذا الصراع المرير !!
نزلت طائرتنا الصغيرة المرتعدة بالبرد والريح ورذاذ الثلج
وصوت المذيعة المرعوبة مثلنا يرحب ببنا ويحمدالله على السلامة وتتلعثم بلغتها ولم يفقدها الخوف بحة صوتها الجميل وهي تتلعثم
نحمد الله على سلمتكم ونرجو منكم ربط الالسنة !!! اقصد الاحزمة !!